عرفت البشرية منذ القدم تشريح جثث الموتى ، فقد قام قدماء المصريين بتشريح جثث موتاهم وتفريغ الأحشاء الداخلية منها ، ووضع بعض المواد الحافظة للجثث من التفسخ ، وبذلك استطاعت الموميات أن تبقى آلاف السنين .
ونال علم التشريح اهتماماَ خاصاَ من قبل الأطباء العرب والمسلمين ، واعتمدوا في دراساتهم وكتاباتهم حول ذلك على مصادر عديدة هي :
ونال علم التشريح اهتماماَ خاصاَ من قبل الأطباء العرب والمسلمين ، واعتمدوا في دراساتهم وكتاباتهم حول ذلك على مصادر عديدة هي :
1- كلام من سبقهم من الأطباء اليونانيين : كانت بدايات معلوماتهم عن التشريح مستقاتاَ من كتب الأطباء اليونانيين ، مثل كتب أبقراط وجالينوس وآخرين .وهنا لا بد من التذكير بأن الأطباء العرب والمسلمين أنقذوا الكثير من تآليف الأطباء اليونانيين من الضياع بتعريبهم
لها ، لأن النسخ اليونانية القديمة فقدت جميعها ولم يبق سوى النسخ العربية ، ومن تلك الكتب كتب جالينوس التالية ( 1- كتاب في اختلاف ما وقع بين القدماء في التشريح . 2- كتاب تشريح الأموات . 3- كتاب الأحياء _ الحيوانات - . 4- كتاب علم أبقراط في التشريح . 5- آراء أرسطراطس في التشريح . 6- كتاب تشريح الرحم ) .
2- التشريح المقارن : يستند هذا النوع من التشريح على تشريح الحيوانات ومقابلة ذلك بتشريح الإنسان . وعلى الرغم من أن ذلك لا يغني عن تشريح الإنسان لتعليم الطب لوجود فروق كبيرة بينهما ، إلا أن تشريح الحيوانات أمر أساسي باعتباره خطوة أولى في دراسة التشريح .وقد زخرت كتب الطب العربية بإشارات عن قيامهم بتشريح الحيوانات
( حية وميته) واتخاذهم ذلك وسيلة للمقارنة عند دراسة علم التشريح في الإنسان ، نذكر فيما يلي بعض الأمثلة :
أ ـ يعتبر يوحنا بن ماسويه أول من عمل بالتشريح المقارن من العرب وكتب في ذلك كتاباَ ، ذكر براون نقلاَ عن كتاب فارسي (( ذكر فيها أن يوحنا بن ماسويه لما عجز عن الحصول على جثث آدمية قام بتشريح القردة في حجرة خاصة للتشريح أقامها على ضفة دجلة ، وأن نوعاَ خاصاَ من القردة كان يعتبر أقربها شبهاَ للإنسان كان يمده به حاكم النوبة بأمر أصدره الخليفة المعتصم )) .
ومما يروى عنه (( دخل غلام من الأتراك ومعه قرد من القرود التي أهداها ملك النوبة إلى المعتصم ، وقال ليوحنا يقول لك أمير المؤمنين زوج هذا القرد من قردتك حماحم حيث كان لا يصبر عنها ساعة ، فوجم لذلك ، ثم قال للغلام : قل لأمير المؤمنين ، اتخاذي لهذه القردة غير ما توهمه وإنما دبرت تشريحها ووضع كتاب على ما وضع جالينوس في التشريح … وكان في جسمها قلة تكون العروق فيها … فتركتها لتكبر ويغلظ جسمها ، فأما إذ قد وافى هذا القرد فسيعلم أمير المؤمنين أنى سأضع له كتاباَ لم يوضع في الإسلام مثله . ثم فعل ذلك بالقرد فظهر له منه كتاب حسن )) .
ب ـ تجارب وأقوال الرازي :
تحدث الرازي في مقالته فيما بعد الطبيعة عن تكوين الجنين ، فقال (( وبعد فإن جالينوس قد عني بأمر التشريح وكان يدعي فيه دعاوى ، وهنا لا يمكننا تشريح أرحام النساء ، فقد نشاهد أرحام الغنم وأجوافها فلسنا نرى من ذلك شيئا )) .َ
وقوله أيضاً (( وقد يعرض على القلب دق فإنه كان عندي قرد لا يزال يهزل فلما شرحته وجدت أعضاءه سليمة ، إلاّ أني وجدت على غلاف قلبه غلظاً خارجاً من الطبع فيه رطوبة محتقنة شبيهه بالرطوبة التي تكون في النفاخات .
وأما ديك شرحته فإني وجدت على غلاف قلبه غلظاً صلباً متحجراً ليس فيه رطوبة ، وأما الورم الحار فرأيناه قد حدث بقوم من المقاتلة ممن قد جرحوا فتبعهم الموت ساعتهم بالغشي الشديد القوى )) .
التجربة التي ذكرها عن الحيوان الذي ينزع قلبه منه فلا يصيبه الغشي بل يظل يعدو ويتحرك إلى أن يموت .
ج – ويسرد ابن طفيل ما كان يعرفه من علم التشريح من خلال تشريح ( حي ) للظبية في قصته الفلسفية ( حي إبن يقضان ) ، وعندما يريد أن يعرف حركة القلب في أثناء حياة
الجسد ، يأتي بظبية حية ويقيدها ثم يشق صدرها حتى يصل إلى القلب . ويبدو أن ابن طفيل كان ذا علم واسع في تشريح الحيوانات الحية والميتة مما جعله يقول عن حي إبن يقضان
(( فتتبع ذلك كله بتشريح الحيوانات الأحياء والأموات )) .
3 - تشريح الرمم ومشاهدة الهياكل العظمية في المقابر :هناك إشارات على تفحصهم للرمم ( وهي البقايا البشرية في أطوار التحلل المختلفة) ، وخاصة العظام والمفاصل والأربطة ، على سبيل المثال يقول ابن النفيس (( أما تشريح العظام والمفاصل ونحوهما فيسهل في الميت من أي سبب كان ، واسهل ما يكون إذا مضى على موته مدة فني ما عليه من اللحم حتى بقيت العظام متصلة بالأربطة ظاهرة ، فهذا لا يفتقر فيه إلى عمل كثير حتى يوقف على هيئة عظامه ومفاصله )) وظاهر النص أن ابن النفيس باشر التشريح على أجداث ورمم الموتى واهتم بالعظام والأربطة والمفاصل وتوصل إلى حقيقة أن أربطة المفاصل لا تفنى إلا بعد فناء اللحم .
أما مشاهدة الهياكل العظميه فسيأتي الكلام عن ذلك فيما بعد.
4 - ملاحظة الجروح التي تتسبب من الحروب وتعقب آثار الحوادث : لقد كانت مراقبة الأحشاء الداخلية للمصابين في الحروب أثناء معالجتهم فرصة عملية للتأكد من معلوماتهم التشريحية وتعزيزها .
كما وأن دراسة آثار بعض الحوادث أيضاَ كانت تطبيقاَ عمليا لمعلوماتهم التشريحية ، فعلى سبيل المثال يقول الرازي (( رجل سقط عن دابته ، فذهب حس الخنصر والبنصر ونصف الوسطى من يديه ، فلما علمت أنه سقط على آخر فقار في الرقبة علمت أنه مخرج العصب الذي بعده الفقارة السابعة أصابها في أول مخرجها ، لأني كنت أعلم من التشريح أن الجزء الأسفل من أجزاء العصبة الأخيرة النابت من العنق يصير إلى الإصبعين الخنصر والبنصر ، ويتفرق في الجلد المحيط بهما وفي النصف من جلد الوسطى ))
5 - التشريح البشري :على الرغم من عدم وجود نص من الكتاب والسنة يحرم ممارسة التشريح لغاية التدريس فإن تزمت البعض واتهام من يقوم بالتشريح بالزيغ عن الدين والبعد عن الرحمة والإنسانية سبب قصوراً لدى الأطباء العرب والمسلمين في هذا العلم ، إلا أن البعض يعتقد بأنهم مارسوا التشريح البشري بصورة سرية ومحدودة ، وخاصة تشريح قسم من أعضاء الجسم كالقلب والعين والكبد وعضلات الأمعاء ويستدلون على ذلك من كتاباتهم الدقيقة والصحيحة عن تشريح هذه الأعضاء ، وكذلك من مخالفتهم لكثير من آراء اليونانيين ، وتأكيد قسم منهم بأن ( التشريح يكذب كذا وكذا ) أو ( التشريح يكذب ما ذكر ) وقول ابن رشد
( من اشتغل بعلم التشريح ازداد إيماناً ) وقول الرازي ( يحتاج في استدراك علل الأعضاء الباطنة إلى العلم بجوهرها أولاً بأن تكون قد شوهدت بالتشريح … ) .
ويؤكد بعضهم ممارسة المتأخرين منهم للتشريح بشكل قاطع ، يقول جول لابوم (( كان الأطباء العرب في القرن العاشر يعلمون تشريح الجثث في قاعات مدرجة خصصت لذلك في جامعة صقلية )) .
وعلى الرغم من عدم ورود نص صريح قاطع على ممارسة الأطباء العرب والمسلمين للتشريح إلا أن لهم فضلاً كبيراً على تطوير هذا العلم ولهم فيه ابتكارات نذكر منها :
1 . الكتب والتصانيف : كما ذكرنا سابقاَ لقد كان للأطباء العرب والمسلمين فضل حفظ كتب أبقراط وجالينوس في التشريح والتي فقدت أصولها اليونانية ، بتصنيفها وجمعها وشرحها ونقدها بوعي علمي صحيح .ولم يكتفوا بترجمات كتب التشريح بل أنهم صنفوا وألفوا العديد من
الكتب ، وكان ابن ماسويه أول من ألف كتاباَ في التشريح باللغة العربية ، وتبعه الكثيرون لا يتسع المجال لذكرهم ، حتى أن أحد الباحثين أحصى كتب التشريح التي ألفها الأطباء العرب خلال القرون ( 3 – 13 هـ )فبلغت ستون كتاباَ وأشهر تلك الكتب كان كتاب شرح تشريح القانون لابن النفيس . ولا يفتنا أن نذكر بأن كتب التشريح العربية تمتلئ بالرسوم التوضيحية والمخططات لأجزاء جسم الإنسان وتراكيبه المختلفة والتي تعتبر النواة الأولى لأطالس ومصورات التشريح المتقدمة .
2 . كان ابن سينا أول من عرف أن الجنين يأخذ بواسطة المشيمة شريانين اثنين ويرد وريداً واحداً عن طريق الحبل السري .
3 . موفق الدين عبد اللطيف البغدادي : أرشد إلى مواطن الضعف في وصف جالينوس لبعض أجزاء الهيكل العظمي وأكد على سبيل المثال أن الفك الأسفل قطعة واحدة وليس قطعتين بعد أن فحص أكثر من ألفي جمجمة بشرية في أحد المقابر حيث يقول (( والذي شاهدناه من حال هذا العضو أنه عظم واحد وليس فيه مفصل ولا درز أصلاً )) .
4 . لقد سبق ابن النفيس هارفي الإنكليزي في اكتشاف الدورة الدموية الصغرى
( الدورة الرئوية ) بمئات السنين ، كما سبق سرفيتوس بثلاثة قرون في اكتشاف وإثبات أن الدم ينقى في الرئتين جاء في وصفه تشريح الشريان الوريدي في كتابه شرح تشريح القانون من جملة ما ذكر (( ولا بد في قلب الإنسان ونحوه ، مما له رئة من تجويف آخر يتلطف فيه الدم ليصلح مخالطة الهواء … وهذا التجويف هو التجويف الأيمن من تجويف القلب . وإذا لطف الدم في هذا فلا بد من نفوذه إلى التجويف الأيسر حيث يتولد الروح ولكن ليس بينهما منفذ فإن جرم القلب هنا مصمت ليس فيه منفذ ظاهر كما ظنه جماعة . ولا منفذ غير ظاهر كما ظنه جالينوس فإن صمام القلب مستحصف جرمه غليظ فلابد أن يكون هذا الدم إذا لطف نفذ في الوريد الشرياني إلى الرئة لينبث في جرمها ويخالط الهواء ويتصفى ألطف ما فيه وينفذ إلى الشريان الوريدي ليصل إلى التجويف الأيسر من تجويفي القلب وقد خالط الهواء وصلح لأن يتولد منه الروح . وما بقي منه أقل لطافة تستعمله الرئة في غذائها )) .
5 . الدورة الدموية في الشرايين التاجية : لقد كان ابن النفيس أول من فطن إلى وجود أوعية داخل جرم القلب تغذيها وبذلك كان أول من وصف الشريان الإكليكي وفروعه حيث قال :
( قوله – ويقصد ابن سينا – ليكون له مستودع غذاء يتغذى به وجعله الدم الذي في البطين الأيمن منه يتغذى القلب لا يصلح البتة فإن غذاء القلب إنما هو من الدم المار فيه في العروق المارة في جرمه ) .
6. عدد تجاويف القلب : كان الاعتقاد السائد عند الأطباء اليونانيين والعرب ومنهم ابن سينا أن للقلب ثلاثة بطون ، وقد خالف الزهراوي ذلك عندما أكد بأن للقلب بطينان فقال في كتابه التصريف (( وله بطنان عظيمان أحدهما في الجانب الأيمن والآخر في الجانب الأيسر منه . ومن البطنين الأيمن إلى الأيسر منافذ )) .
وجاء بعده ابن رشد ليؤكد في كتابه الكليات ذلك ويضيف (( وله زائدتان شبيهتان بالأذنين إحداهما يمنة والأخرى يسرة )) .
وأخيراً جاء ابن النفيس ليؤكد عدد التجاويف ويصحح الخطأ الذي وقع فيه من سبقوه في اعتقادهم بوجود منافذ بين البطينين فقال : (( قوله – ويقصد ابن سينا – أيضاً فيه ثلاثة بطون وهذا كلام لا يصح فإن القلب له بطينان فقط …. ولا منفذ بين هذين البطينين البتة وإلا كان الدم ينفذ إلى موضع الروح فيفسد جوهرها ، والتشريح يكذب ما قالوه )) .
7 . الدورة الدموية في الأوعية الشعرية :يقول الدكتور كمال السامرائي نقلا عن روبنسن إن أول من أشار إلى تلاقي الشرايين بنهايات الأوردة هو ( إيراستراتوس ) . إلا أن علي بن العباس المجوّسي كان أول من وصف ذلك بشكل جلي حيث وصف الدورة الدموية الشعرية وقبل هارفي بكثير فقال : ( وينبغي أن تعلم العروق الضوارب في وقت الانبساط ما كان منها قريباً من القلب اجتذب الهواء والدم اللطيف من القلب باضطرار الخلاء لأنها في وقت الانقباض تخلو من الدم والهواء . فإذا انبسطت عاد إليها الدم والهواء وملأها … وما كان منها متوسط فيما بين القلب والجلد من شأنه أن يجتذب من العروق غير الضوارب ألطف ما فيها من الدم وذلك أن العروق غير الضوارب فيها منافذ إلى العروق الضوارب والدليل على ذلك أن العرق الضارب إذا انقطع استفرغ منه الدم في العروق غير الضوارب ) .
8. وظيفة وعدد الأغشية القلبية : حدد ابن رشد في كتابه الكليات عدد الأغشية ( Cardiac Valves ) التي يتألف منها الصمام الموجود في القسم الأيمن من القلب ، وهو الصمام الذي نطلق عليه اليوم ( Tricuspid ) وقد حدد ابن رشد وظيفته بدقة ، كما أشار إلى الصمامات الكائنة في الفوهة التي تنفتح على الشريان الرئوي وبين وظيفتها . يقول ابن رشد (( وللقلب بطنان عظيمان … وللبطن الأيمن فوهتان إحداهما فوهة العرق المتصل بالكبد … وعلى هذه الفوهة أغشية ثلاثة تنفتح عند دخول الدم منها ثم تنسد انسداداً محكماً … والفوهة الثانية هي فوهة العرق الذي يتصل من هذا التجويف بالرئة ، وهو عرق غير ضارب ، إلا أن أغشيته غلاظ هي شبيهة بالشريان ، وعلى هذه الفوهة أغشية تنفتح إلى خارج ولا تنفتح إلى داخل بخلاف الأغشية التي على الفوهة الأخرى ، وفي البطن الأيسر فوهتان )) .
(( وأما إحدى الفوهتين في البطن الأيسر وهي فوهة الشريان العظيم ( الأبهر ) فإنه جعلت فيه تلك الأغشية الثلاثة تنفتح من داخل إلى خارج لكي يخرج منها الدم إلى الشرايين ثم لا يعود ، والفوهة الأخرى التي في هذا الجانب هي فوهة الشريان الذي يتصل بالرئة ومن هذا الشريان يكون تنفسه ( أي تنفس القلب ) ولذلك جعلت تلك الأغشية تنفتح من خارج إلى داخل )) .
9 . تشريح الأقنية الصفراوية عند ابن النفيس : يقول جالينوس في ذلك (( … سترى عند التسلخ ) القناة التي تجري من حويصلة الصفراء إلى بداية المعا الإثني عشر تحت البواب
بقليل ، سترى في بعض الحيوان النقطة التي تتضخم فيها نهاية المعي الدقيق حول
البواب … وفي الوقت نفسه سترى قناة صغيرة تذهب أسفل مع الوريد الذاهب إلى الإثني عشر يتجه إلى الأسفل … )) .
ويكرر ابن سينا الخطأ نفسه ، وإذا عدنا إلى كتاب أندريا فيزاليوس ( 1514 – 1564 م ) الذي يعتبره الغرب مؤسس علم التشريح ، نجده يقع في الخطأ نفسه . وكذلك فعل ليوناردو دافنشي ( 1452 – 1519 م ) في رسومه التشريحية الشهيرة ، كرروا جميعاً خطأ جالينوس …… ما عدا ابن النفيس الذي يقول منتقداً جالينوس الذي ادعى أن (( المرارة ينفذ منها إلى الأمعاء مجرى آخر تنفذ فيها ما ينفذ لا إلى المعدة ولا إلى الأمعاء )) .
يقول الدكتور سلمان قطاية : (( وكلامه هذا هو الحق وهكذا فقد صحح ابن النفيس خطأ جالينوس قبل المشرحين الغربيين بعدة قرون )) ، فهو يقول أنه شاهد المرارة مراراً ، معنى ذلك أنه شاهدها عياناً وعلى الإنسان ، لأن جالينوس يقول إنك سترى في بعض الحيوان ، لذلك أخطأ ، ولأن ابن النفيس شرح الإنسان ( وهذا ما لسنا متيقنين منه ) استدرك الخطأ .
هذا اكتشاف جديد يضاف إلى اكتشاف ابن النفيس للدورة الدموية الصغرى .
10 . الرازي : هو أول من قال بوجود الفرع الحنجري للعصب الصاعد وقد لاحظ بأنه يكون بفرعين في الجهة اليمنى في بعض الأحيان .
11. التشريح المرضي : قال ابن النفيس في ذلك (( تشريح العروق الصغيرة في الجلد يعسر في الأحياء لتألمهم ، وفي الموتى الذين ماتوا من أمراض تقلل الدم كالإسهال والدق والنزف ، وإنه يسهل فيمن مات بالخنق لأن الخنق يحرك الروح والدم إلى الخارج فتنفتح العروق ، على أن هذا التشريح ينبغي أن يعقب الموت مباشرة لتجنب تجمد الدم )) .
وأورد الزهراوي في كتابه التصريف عن التشريح المرضي فقال (( …… وضرورة تشريح الأجسام بعد الموت لمعرفة سبب الوفاة للانتفاع بهذه النتائج في الأحوال المماثلة ))
هذا الكلام إن دل على شئ فإنما يدل على ممارسة هذا النوع من التشريح من قبل الأطباء العرب والمسلمين ، والذي يعتبر اليوم من الأركان الأساسية في دراسة الطب خاصة الطب الشرعي لمعرفة سبب الوفاة.
12 . وأخيراً لابد من أن نذكر مثالاً فريداً لتأثير التراث الإسلامي على الغرب . وذلك أن مؤسس علم التشريح أندرياس فيساليوس Andreas Vesalius نشر في عام 1538 م جداوله التشريحية الستة كدراسة تمهيدية لمؤلفه الرئيسي المعروف باسم (( الصنعة Fabrica )) الذي كتبه في عام 1543 م . وقد ورد في النص اللاتيني لهذه الجداول عدد كبير من المصطلحات العربية …. وهكذا حملت جداول فيساليوس التشريحية التراث العربي في الطب إلى مطالع العصور الحديثة .
(( وأجريت أول عملية تشريح في باريس في سنة 1478 أو 1494 ، أي نحو مائتي سنة بعد وفاة ابن النفيس ، وبني مدرج للتشريح في بادوا في سنة 1490 ، وفي مونبليه في فرنسا في سنة 1551 ، وفي بازل في سويسرا في سنة 1588 ( ثلاثمائة سنة بعد وفاة ابن النفيس ) وفي باريس في سنة 1608 ، وفي بولونيا في سنة 1637 )) .
----------------------------------------------------------------------------------
المصادر :
- خير الله ، الدكتور أمين أسعد : الطب العربي – المطبعة الأمريكانية ، بيروت 1946 ، ص 162 .
- براون ، إدوارد ج. : الطب العربي ، ترجمة أحمد شوقي حسن – مطابع سجل العرب ، القاهرة ، 1966
ص 55 .
- ابن أبي أصيبعة ، أحمد بن القاسم ـ عيون الأنباء في طبقات الأطباء ، إصدار دارالفكر بيروت 1956 ، الجزء الثاني ، 129 .
- الماحي ، الدكتور التجاني : مقدمة في تاريخ الطب العربي – الفصل الخاص بالرازي ، طبعة بيروت ، بلا تاريخ ، ص 188 .
- الرازي ، أبو بكر محمد بن زكريا : الحاوي في الطب – دائرة المعارف العثمانية ، حيدر آباد – الدكن ( الهند ) الطبعة الثانية 1974 ، ج7 ص 32
-المصدر نفسه ج 7 ص 34 .
- إبن طفيل : حي بن يقضان – تحقيق فاروق سعد ، منشورات دار الآفاق الجديدة – بيروت ، الطبعة الثانية ، ص 143 .
- أقوال عبد اللطيف البغدادي التي سوف نذكرها في المتن فيما بعد .
- غليونجي : الدكتور بول – ابن النفيس ، سلسلة أعلام العرب ( 57 ) الدار المصرية للتأليف والترجمة ،
ص 114 .
- الرازي : الحاوي ، ج1 ، ص 5-6 .
- الرازي ، أبو بكر محمد بن زكريا : المرشد أو الفصول تحقيق ألبير زكي إسكندر _مجلة معهد المخطوطات العربية ، القاهرة 1961 ، ص 66 .
- مريدن : د. عزت – مقال ( فضل العرب على الإنسانية في الميادين العلمية ) – مجلة العلوم – تشرين الثاني 1961 .
- جزماتي ، حسام : محاولة لوضع فهرس للكتب التشريحية – ( مقال ) مجلة آفاق الثقافة والتراث ، العدد 14 ، 1996 ، ص 90 .
- ابن سينا ،أبو علي الحسين ابن علي : القانون في الطب ( طبعة بالأوفست عن طبعة بولاق – مكتبة المثنى ، بغداد ، بدون تاريخ ) – ج2 ص 559 – 560 .
- البغدادي : عبد اللطيف – الإفادة والاعتبار في الأمور المشاهدة والحوادث المعاينة بأرض مصر ، تحقيق د. علي محسن عيسى ، دار الحكمة للنشر – بغداد 1987 ص 185 .
- الدكتور أمين : أسعد خير الله – الطب العربي ، ص 164 .بالأصل نقلاً عن شرح تشريح القانون لابن النفيس .
- غليونجي : د. بول – ابن النفيس ، ص 128 .
- الخطابي : محمد العربي – الطب والأطباء في الأندلس الإسلامية ج1 ص 333 .
- المصدر نفسه ص 334 .
- غليونجي : د. بول – ابن النفيس ، ص 127 .
- Robinson – Story of Medicine P. 69 ، السامرائي:الدكتور كمال –مختصر تاريخ الطب 1/ص145.
- المجوّسي : كامل الصناعة الطبية ، ج1 ص 139 .
- الخطابي : محمد العربي – المصدر نفسه ص 333 ، 341 ، 344 .
- قطاية : الدكتور سلمان – ابن النفيس ص 56 – 58 ، سلسلة أعلام الطب العربي .
- غليونجي : د. بول – ابن النفيس ص 116 .
- شاخت وبوزورث : تراث الإسلام – ترجمة د. حسين مؤنس وإحسان صدقي العمد – سلسلة عالم المعرفة ، الكويت ( 13 ) القسم الثالث ص 128
- غليونجي : د. بول – ابن النفيس ص 112 .
الـدكـتـور محمود الحاج قاسم محمد
نقيب الأطباء / فرع نينوى ـ الموصل / العراق
التعليقات : 0
إرسال تعليق
أخي الكريم، رجاء قبل وضع أي كود في تعليقك، حوله بهذه الأداة ثم ضع الكود المولد لتجنب اختفاء بعض الوسوم.
الروابط الدعائية ستحذف لكونها تشوش على المتتبعين و تضر بمصداقية التعليقات.